سياسة

ميقاتي يقوم بآخر محاولة ويزور بعبدا خلال يومين.. فهل تولد الحكومة؟

الحشيمي لـ"أحوال": مقبلون على فراغ قاتل ولا مبادرة سعودية قريبة باتجاه لبنان

تتأرجح “البورصة الحكومية” بين موجة إيجابية وموجة سلبية، على وقع توتر عالي السقف على جبهة التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ما يعكس عمق الخلاف وغياب الثقة بين الطرفين، رغم المحاولات المتكررة لميقاتي على خط بعبدا للتوصل الى اتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون لاستيلاد حكومة جديدة قبل دخول البلاد في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، في ظل اتساع هوة الأزمة والانهيارات الاقتصادية والمالية.
فهل تؤدي الجهود الأخيرة الى ولادة حكومة جديدة تقي البلاد خطر الفراغ القاتل؟.
معلومات “أحوال” تكشف أن ميقاتي سيقوم بمحاولة أخيرة باتجاه بعبدا ويلتقي عون خلال اليومين المقبلين لاستكمال البحث في بعض التفاصيل التي تُعيق التأليف لا سيما تغيير بعض الوزراء في حكومة تصريف الأعمال (عصام شرف الدين وأمين سلام ووليد فياض)، وذلك بعدما أبدى الرئيس عون إيجابية واستعداداً للنقاش وتدوير الزوايا، إلا أن المناخ الإيجابي انقلب الى السلبي بعدما رفض عون تدخل بعض المرجعيات السياسية بتسمية هؤلاء الوزراء، ومطالبته بإدخال ستة وزراء جدد لتحصين الحصة المسيحية في الحكومة، لكن ذلك قوبل برفض تام من الرئيس المكلف.
وفي أعقاب بيانات السجال الساخنة بين ميقاتي والنائب جبران باسيل، يكشف ميقاتي تفاصيل لقائه الأخير مع رئيس الجمهورية وقال: “ولدى لقاء الشوق الأخير كان عون مرناً ومنفتحاً على تعديل التشكيلة ولم يمانع في تسمية وزير يمثل عكار، وخلال الاجتماع مع رئيس الجمهورية تم طرح الأسماء المنوي تغييرها وبينهم الوزيرين وليد فياض وأمين سلام ووعد في حينه بأنه سيعطي رده بعد 24 ساعة لكنه سأل، من سيسمي الوزراء الخاضعين للتعديل؟”. وأضاف ميقاتي: “تفاجأت في اليوم التالي من الاجتماع مع رئيس الجمهورية، بإيفاد المدير العام للرئاسة أنطوان شقير حاملاً رسالة مفادها، مش ماشي الحال”.
النائب السابق علي درويش يشير لـ”أحوال” الى أن الأجواء ليست سلبية وليست إيجابية، والتشاور والتفاوض مستمر بين الرئيسين حتى تذليل العقد، وفي الساعات المقبلة يحضر ميقاتي لمبادرة أو تحرك ما باتجاه بعبدا لاستكمال الحوار وسيعرض موقفه من مقترحات رئيس الجمهورية والأمور غير مقفلة ومن غير المستبعد التوصل الى حل خلال الأسبوع المقبل، لكن الأمور مرهونة بمفاوضات الساعات الأخيرة وستظهر نتائجها قريباً.
في المقابل يستبعد النائب بلال الحشيمي تأليف حكومة جديدة قبل مطلع أيلول في ظل الأجواء المتشنجة بين التيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية، وبين الرئيس ميقاتي فضلاً عن انشغال جميع الأطراف باستحقاق رئاسة الجمهورية الذي يطغى على تأليف الحكومة، متوقعاً صورة كارثية على المستوى الاقتصادي والمالي.
ويرى الحشيمي في حديث لـ”أحوال” بأن لا “حلول ومخارج للأزمات المتفاقمة على كل صعيد في ظل هذه المعمعة التي تشهدها البلاد”، وحذر من أن “لبنان سيدخل في أزمة دستورية وميثاقية إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية أو تأليف حكومة جديدة خلال الشهرين المقبلين”. ويضيف: “أكثر من 60 في المئة من الشعب اللبناني يقع تحت خط الفقر ولايزال السياسيون يتقاتلون على الحصص ويختلفون على المصالح السياسية”، ودعا الى انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن يمتلك رؤية وخطة أو مشروع لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية ويعيد لبنان الى الحضن العربي والالتزام بالقرارات الدولية”.
ولفت النائب الحشيمي الى أننا “بحاجة لانتخاب رئيس يضع الخلافات والتوترات السياسية جانباً ويضع جدول أعمال اقتصادي مالي نقدي لإنقاذ البلد من الازمات المتراكمة”. واعتبر أن الرئيس القوي، هو الذي يطبق القوانين بالقوة وليس بمنطق الاستنسابية”. وتابع: “نحتاج الى نموذج الرئيس فؤاد شهاب (بناء الدولة) والى نموذج الرئيس رفيق الحريري الذي قام بنهضة تنموية اقتصادية، أي رئيس بعيد عن الحسابات الحزبية ويتّبع سياسات مستقلة، ويملك خطة إصلاحية ويطبق الإصلاحات والقوانين الموجودة بالتعاون مع رئيس الحكومة والمجلس النيابي”.
ويرى أن المشكلة بأن لا مرشحين رسمياً حتى الآن، وأيد الحشيمي مشروع القانون المعجل الذي قدمه النائب نديم الجميل بوضع مهلة قانونية للترشح لرئاسة الجمهورية وإقفال باب الترشح قبل أسبوع من نهاية ولاية الرئيس وترك حرية الاختيار والانتخاب للمجلس النيابي وفقاً للكفاءة والخبرة والمشروع السياسي وبرنامج العمل الاقتصادي والمالي الذي يحمله المرشحون، وبهذه الطريقة نقطع الطريق على التدخلات والضغوط الخارجية، ودعا كافة الأفرقاء الى “لبننة” الاستحقاق وابعاده عن التوجهات والحسابات الخارجية، لا سيما وأن هذا الخارج منشغل بأزماته وحروبه العالمية”.
وكشف الحشيمي أن لا مبادرة سعودية قريبة لحل الأزمة اللبنانية، مشيراً الى أن السعودية كررت أكثر من مرة أن على لبنان معالجة مشاكله بنفسه ولن تتدخل بشؤونه الداخلية ولن تُملي عليه قرارات أو سياسات معينة، بل تدعم ما يتفق عليه اللبنانيون ومستعدة للمساعدة.
ورأى أن حكومة تصريف الأعمال يمكنها تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية وهناك سوابق في هذا الاطار، والأهم رفض الفراغ، لكن هذا الخيار غير صحي ولا يخرج البلد من أزماته، بل سيعمق الأزمة ويستمر في تدمير البلد.
وانتقد الحشيمي العهد الحالي الذي أمضى ثلاث سنوات منه من دون حكومة وثلاث سنوات أخرى بظل معاناة وأزمات وانهيارات وصراعات سياسية وأحداث أمنية واقتصادية. لذلك يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح وفق الحشيمي، وإطلاق حوار سريع بين الأفرقاء السياسيين والنقاش الواضح والجدي مع الثنائي الشيعي لإنتاج تسوية سياسية تُطمّئِن الجميع وتفتح باب الإنقاذ الاقتصادي وتستعيد ثقة المودعين بالقطاع المصرفي والمغتربين ببلدهم والسياح بالاستقرار الأمني في لبنان.

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى